وكالة أنباء الحوزة - ألقى حجّة الإسلام والمسلمين علي الربّانيّ الكلبايكانيّ كلمةً خلال مراسم الافتتاح والانطلاق الرسميّ لأنشطة معهد الدراسات الكلاميّة التابع لمؤسّسة الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)، التي أقيمت صباح يوم الخميس (27 آذر 1404 الموافق لـ 18 ديسمبر 2025)، في قاعة الاجتماعات التابعة للمؤسّسة بمدينة قم.
وفي كلمته، أشار إلى أهمّيّة التعليم والبحث في بلوغ مراتب التخصّص والاجتهاد، مبيّنًا أنّ التمكّن في أيّ حقلٍ علميٍّ يستلزم اجتياز مرحلتي التعليم والبحث، حيث يُعدّ التعليم تمهيدًا ضروريًّا للدخول في غمار البحث العلميّ.
وأضاف أستاذ الحوزة العلميّة بقم أنّ أحد هواجسه منذ تأسيس المركز التخصّصيّ لعلم الكلام كان التركيز الخاصّ على مرحلة البحث بعد إتمام الدورات التعليميّة، موضحًا أنّه على الرّغم من تقديم التعليم في مركز علم الكلام بمستوى مطلوبٍ وبلوغ خرّيجي المستوى الرابع كفاءةً علميّةً طيّبةً، إلّا أنّ ذلك لم يكن كافيًا وحده، وكان ثمّة شعورٌ ملحٌّ بالحاجة إلى دوراتٍ بحثيّةٍ تكميليّةٍ.
ولفت سماحته إلى أنّه طرح فكرة إنشاء دورةٍ بحثيّةٍ بعد نهاية المستوى الرابع منذ نحو ثلاثة عقودٍ، إبّان إدارة آية اللّه البوشهري، حيث لاقت ترحيبًا منه، لكنّها لم تتحقّق حينها بسبب بعض العوائق التنفيذيّة، مؤكّدًا أنّ الخطوة الأخيرة التي أقدم عليها المجلس الأعلى وإدارة الحوزة العلميّة في تدشين هذا المعهد بعثت على الارتياح وأزالت ذلك الهاجس القديم.
عراقة علم الكلام في مدرسة الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)
وفي محورٍ آخر من كلمته، تطرّق حجّة الإسلام والمسلمين الربّانيّ الكلبايكانيّ إلى الخلفيّة التاريخيّة لعلم الكلام في مدرسة الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)، وقام في هذا المحور بتفنيد توهّم البعض بأنّ هذا العلم الشريف نشأ في عصر المأمون العبّاسيّ، موضحًا أنّ مصطلحي «المتكلّم» و«الكلام» كانا متداولين في عصر الأئمّة الأطهار (عليهم السلام)، وقد ربّى الإمام الصادق (عليه السلام) تلاميذ من قبيل «هشام بن الحكم» للردّ على الشبهات وخوض المناظرات العلميّة.
وتابع مبيّنًا أنّ الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) لم ينهَ إلّا عن الكلام المنحرف، لا عن الكلام الأصيل القائم على الاستدلال، مؤكّدًا أنّ معهد الدراسات الكلاميّة اليوم ينبغي أن يستلهم من تلك المدرسة العظيمة في إعداد متكلّمين واعين ومؤثّرين لتلبية الحاجات الفكريّة في العالم الإسلاميّ.
تابع أْيضًا:
في افتتاحيّة معهد الدراسات الكلاميّة التابع لمؤسّسة الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)..
آية اللّه العظمى السبحانيّ يؤكّد على ضرورة التمتّع بالاستقلال الفكريّ والعلميّ وعدم تأثّر المجتمع بالتغرّب
الإشادة بآية اللّه العظمى السبحانيّ كنموذجٍ في إعداد الباحثين
وتطرّق هذا الأستاذ الحوزويّ إلى تبيين العلاقة بين التعليم والبحث في المستويات الحوزويّة المختلفة، مؤكّدًا ضرورة الجمع بين العلوم المختلفة في إعداد الباحثين والمتكلّمين المتميّزين. وفي هذا السياق، أشاد بآية اللّه العظمى جعفر السبحانيّ، واصفًا إيّاه بأنّه أستاذٌ فريدٌ في منهجيّة البحث وإعداد الباحثين، ومبيّنًا أنّه أدخل أخلاقيّات البحث وأساليبه بصورةٍ عامّةٍ ضمن برنامجه الدراسيّ، ما جعله قدوةً متميّزةً بين أساتذة الحوزة.
المستوى الثاني من الدراسة الحوزويّة: محوريّة التعليم مع تمارين بحثيّةٍ تمهيديّةٍ
وفي معرض تفصيله للمستويات الدراسيّة الحوزويّة، تناول حجّة الإسلام والمسلمين الربّانيّ الكلبايكانيّ تبيين موقعيّة التعليم والبحث في كلّ مستوى، موضحًا أنّ المستوى الثاني يقوم أساسًا على التعليم، ولا يحظى البحث فيه بحضورٍ واسعٍ، إلّا في حدود تمارين بسيطةٍ ومختصرةٍ لتعريف الطلّاب بأسس البحث العلميّ، حيث يجب أن ينصبّ التركيز الأساسيّ في هذا المستوى على تحصيل المعرفة والتعلّم.
المستوى الثالث من الدراسة الحوزويّة: زيادةٌ تدريجيّةٌ لحصّة البحث مع استمرار التعليم
وأشار سماحته إلى أنّه مع الدخول في المستوى الثالث، تزداد كفّة البحث قليلًا، لكنّ التأكيد يظلّ مستمرًّا على التعليم. وحذّر من أنّ إبراز البحث في غير محلّه منذ المراحل الأولى سيؤدّي إلى مجرّد جمعٍ وتوليف المطالب بدلًا من إنتاج بحثٍ علميٍّ أصيلٍ.
المستوى الرابع من الدراسة الحوزويّة: ذروة التركيز على البحث والإنتاج العلميّ
وذكر حجّة الإسلام والمسلمين الربّانيّ الكلبايكانيّ أنّ المستوى الرابع من الدراسة الحوزويّة يُعدّ أنسب المراحل لإعطاء البحث الأولويّة الرئيسة، حيث يتمحور العمل حول البحث والتحقيق، ويُتوقّع من الطلّاب في هذه المرحلة الوصول إلى عتبة الإنتاج العلميّ.
ضرورة الجمع بين العلوم المختلفة لإعداد متكلّمين كبار من قبيل «الخواجة نصير الدين الطوسيّ» و«العلّامة الحلّيّ»
ونوّه سماحته بضرورة الشموليّة العلميّة، مبيّنًا أنّ من يروم أن يكون فيلسوفًا لا يمكنه الاكتفاء بدراسة الفلسفة بمعزلٍ عن الفقه والأصول. وأكّد أنّ إعداد متكلّمٍ بارزٍ على غرار الخواجة نصير الدين الطوسيّ، أو العلّامة الحلّيّ، أو آية اللّه العظمى السبحانيّ، يتطلّب الجمع بين علوم الرجال، والدراية، والأصول، والفلسفة، والمنطق، ونظريّة المعرفة.
وختم بالتأكيد على أنّ هذه المهمّة عملٌ كبيرٌ وجسيمٌ يتطلّب اهتمامًا خاصًّا، ولاسيّما في حقل علم الكلام الذي يُعتبر الحجر الأساس للمعارف الإسلاميّة.
لمراجعة التقرير باللغة الفارسيّة يرجى الضغط هنا.
المحرر: أمين فتحي
المصدر: وكالة أنباء الحوزة





تعليقك